فصل: تفسير الآيات (41- 43):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (36- 40):

{وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36) خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (39) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (40)}
قوله عز وجل: {خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} فيه قولان:
أحدهما: أن المعنيّ بالإِنسان آدم، فعلى هذا في قوله: {مِنْ عَجَلٍ} ثلاثة تأويلات:
أحدها: أي معجل قبل غروب الشمس من يوم الجمعة وهو آخر الأيام الستة، قاله مجاهد والسدي.
الثاني: أنه سأل ربه بعد إكمال صورته ونفخ الروح في عينيه ولسانه أن يعجل إتمام خلقه وإجراء الروح في جميع جسده، قاله الكلبي.
الثالث: أن معنى {من عجل} أي من طين، ومنه قول الشاعر:
والنبع في الصخرة الصماء منبته ** والنخل ينبت بين الماء والعجل

والقول الثاني: أن المعنى بالإِنسان الناس كلهم، فعلى هذا في قوله: {من عجل} ثلاثة تأويلات:
أحدها: يعني خلق الإِنسان عجولاً، قاله قتادة.
الثاني: خلقت العجلة في الإِنسان قاله ابن قتيبة.
الثالث: يعني أنه خلق على حُب العجلة.
والعجلة تقديم الشيء قبل وقته، والسرعة تقديمه في أول أوقاته.

.تفسير الآيات (41- 43):

{وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (41) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (42) أَمْ لَهُمْ آَلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (43)}
قوله عز وجل: {قُلْ مَن يَكْلُؤُكُم} الآية. أي يحفظكم، قال ابن هرمة:
إن سليمى والله يكلؤها ** ضنت بشيء ما كان يرزؤها

ومخرج اللفظ مخرج الاستفهام، والمراد به النفي، تقديره: قل لا حافظ لكم بالليل والنهار من الرحمن. قوله تعالى: {وَلاَ هُم مِّنَّا يُصْحَبُونَ} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: يجارون، قاله ابن عباس، من قولهم: إن لك من فلان صاحباً، أي مجيراً، قال الشاعر:
ينادي بأعلى صوته متعوذاً ** ليصحب منها والرماح دواني

الثاني: يحفظون، قاله مجاهد.
الثالث: ينصرون، وهو مأثور.
الرابع: ولا يصحبون من الله بخير، قاله قتادة.

.تفسير الآيات (44- 47):

{بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ (44) قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ (45) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46) وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)}
قوله تعالى: {نأَتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} فيه أربعة أوجه:
أحدها: ننقصها من أطرافها عند الظهور عليها أرضاً بعد أرض وفتحها بلداً بعد بلد، قاله الحسن.
الثاني: بنقصان أهلها وقلة بركتها، قاله ابن أبي طلحة.
الثالث: بالقتل والسبي، حكاه الكلبي.
الرابع: بموت فقهائها وعلمائها، قاله عطاء، والضحاك.
ويحتمل خامساً: بجور ولاتها وأمرائها.

.تفسير الآيات (48- 50):

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49) وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (50)}
قوله تعالى: {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: التوراة التي فرق فيها بين الحق والباطل، قاله مجاهد، وقتادة.
الثاني: هو البرهان الذي فرق بين حق موسى وباطل فرعون، قاله ابن زيد.
الثالث: هو النصر والنجاة فنصر موسى وأشياعه، وأهلك فرعون وأتباعه قال الكلبي.

.تفسير الآيات (51- 56):

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56)}
قوله عز وجل: {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ} فيه وجهان:
أحدهما: رشْده: النبوة، حكاه ابن عيسى.
الثاني: هو أن هداه صغيراً، قاله مجاهد، وقتادة.
{مِن قَبْلُ} فيه وجهان:
أحدهما: من قبل أن يرسل نبياً.
الثاني: من قبل موسى وهارون.
{وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} فيه وجهان:
أحدهما: عالمين أنه أهل لإِيتاء الرشد.
الثاني: أنه يصلح للنبوة.

.تفسير الآيات (57- 63):

{وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63)}
قوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً} قراءة الجمهور بضم الجيم، وقرأ الكسائي وحده بكسرها، وفيه وجهان:
أحدهما: حُطاماً، قاله ابن عباس، وهو تأويل من قرأ بالضم.
الثاني: قِطعاً مقطوعة، قال الضحاك: هو أن يأخذ من كل عضوين عضواً ويترك عضواً وهذا تأويل من قرأ بالكسر، مأخوذ من الجذ وهو القطع، قال الشاعر:
جَّذذ الأصنام في محرابها ** ذاك في الله العلي المقتدر

{قَالُواْ فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ} أي بمرأى من الناس.
{لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يشهدون عقابه، قاله ابن عباس.
الثاني: يشهدون عليه بما فعل، لأنهم كرهواْ أن يعاقبوه بغير بينة، قاله الحسن، وقتادة، والسدي.
الثالث: يشهدون بما يقول من حجة، وما يقال له من جواب، قاله ابن كامل.
قوله تعالى: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} الآية. فيه وجهان:
أحدهما: بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون فاسألوهم، فجعل إضافة الفعل إليهم مشروطاً بنطقهم تنبيهاً لهم على فساد اعتقادهم.
الثاني: أن هذا القول من إبراهيم سؤال إلزام خرج مخرج الخبر وليس بخبر، ومعناه: أن من اعتقد أن هذه آلهة لزمه سؤالها، فلعله فعله [كبيرهم] فيجيبه إن كان إلهاً ناطقاً.
{إِن كَانُواْ يَنطِقُونَ} أي يخبرون، كما قال الأحوص:
ما الشعر إلا خطبةٌ من مؤلفٍ ** لمنطق حق أو لمنطق باطل

.تفسير الآيات (64- 67):

{فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67)}
قوله تعالى: {فَرَجَعُواْ إِلَى أَنفُسِهِمْ} فيه وجهان:
أحدهما: أن رجع بعضهم إلى بعض.
الثاني: أن رجع كل واحد منهم إلى نفسه متفكراً فيما قاله إبراهيم، فحاروا عما أراده من الجواب فأنطقهم الله تعالى الحق {فَقَالُواْ إِنَّكم أَنتُمُ الظَّالِمُونَ} يعني في سؤاله، لأنها لو كانت آلهة لم يصل إبراهيم إلى كسرها، ولو صحبهم التوفيق لآمنوا هذا الجواب لظهور الحق فيه على ألسنتهم.
{ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَى رُءوسِهِمْ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: معناه أنها رجعوا إلى شِركهم بعد اعترافهم بالحق.
الثاني: يعني أنهم رجعواْ إلى احتجاجهم على إبراهيم بقولهم: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤلآءِ يَنطِقُونَ}.
الثالث: أنهم نكسواْ على رؤوسهم واحتمل ذلك منهم واحداً من أمرين: إما انكساراً بانقطاع حجتهم، وإما فكراً في جوابهم فأنطقهم الله بعد ذلك بالحجة إذعاناً لها وإقراراً بها، بقولهم: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤُلآءِ يَنطِقُونَ} فأجابهم إبراهيم بعد اعترافهم بالحجة.

.تفسير الآيات (68- 70):

{قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)}
{قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَانْصُرُواْ ءَالِهَتَكُمْ إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} وفي الذي أشارعليهم بذلك قولان:
أحدهما: أنه رجل من أعراب فارس يعني أكراد فارس، قاله ابن عمر، ومجاهد. وابن جريج.
الثاني: أنه هيزون فخسف الله به الأرض وهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة. وقيل إن إبراهيم حين أوثق ليلقى في النار فقال: لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين، لك الحمد ولك الملك لا شريك لك.
وقال عبد الله بن عمر: كانت كلمة إبراهيم حين أُلقي في النار: حسبي الله ونعم الوكيل.
قال قتادة: فما أحرقت النار منه إلا وثاقه.
قال ابن جريج: ألقي إبراهيم في النار وهو ابن ست وعشرين سنة.
وقال كعب: لم يبق في الأرض يومئذ إلا من يطفئ عن إبراهيم النار، إلا الوزغ فإنها كانت تنفخ عليه، فلذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها.
قال الكلبي: بنواْ له أتوناً ألقوه فيه، وأوقدوا عليه النار سبعة أيام، ثم أطبقوه عليه وفتحوه من الغد، فإذا هو عرق أبيض لم يحترق، وبردت نار الأرض فما أنضجت يومئذ كراعاً.
قوله تعالى: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} جعل الله فيها برداً يدفع حرها، وحراً يدفع بردها، فصارت سلاماً عليه.
قال أبو العالية: ولو لم يقل (سلاماً) لكان بردها أشد عليه من حرها، ولو لم يقل (على إبراهيم) لكان بردها باقيا على الأبد.

.تفسير الآيات (71- 75):

{وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73) وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74) وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75)}
قوله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً} قيل إن لوط كان ابن أخي إبراهيم فآمن به، قال تعالى: {فَأَمَنَ لَهُ لُوطُ} [العنكبوت: 26] فلذلك نجاهما الله.
{إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [فيه] ثلاثة أقاويل:
أحدها: من أرض العراق إلى أرض الشام قاله قتادة، وابن جريج.
الثاني: إلى أرض بيت المقدس، قاله أبو العوام.
الثالث: إلى مكة، قاله ابن عباس.
وفي بركتها ثلاثة أقاويل: أحدها: أن منها بعث الله أكثر الأنبياء.
الثاني: لكثرة خصبها ونمو نباتها.
الثالث: عذوبة مائها وتفرقه في الأرض منها. قال أبو العالية: ليس ماء عذب إلا يهبط من السماء إلى الصخرة التي ببيت المقدس، ثم يتفرق في الأرض.
قال كعب الأحبار، والذي نفسي بيده إن العين التي بدارين لتخرج من تحت هذه الصخرة، يعني عيناً في البحر.
قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} فيها ثلاثة أوجه:
أحدها: أن النافلة الغنيمة، قال لبيد:
لله نافلة الأفضل. ** الثاني: أن النافلة الابن، حكاه السدي.

الثالث: أنها الزيادة في العطاء. وفيما هو زيادة قولان:
أحدهما: أن يعقوب هو النافلة، لأنه دعا بالولد فزاده الله ولد الولد، قاله ابن عباس وقتادة.
الثاني: أن إسحاق ويعقوب هما جميعاً نافلة، لأنهما زيادة على ما تقدم من النعمة عليه، قاله مجاهد، وعطاء.
قوله وجل: {وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً} فيه تأويلان:
أحدهما: أنه القضاء بالحق بين الخصوم قاله ابن عيسى.
الثاني: النبوة، قاله........
{عِلْمَاً} يعني فهماً.
{وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيةِ الَّتي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَآئِثَ} وهي قرية سدوم.
وفي الخبائث التي كانوا يعملونها قولان:
أحدهما: اللواط.
الثاني: الضراط {ونجيناه} قيل من قلب المدائن ورمي الحجارة.